كيف ابكي من خشية الله‏؟؟  Attachment

كيف ابكي من خشية
الله‏؟؟

كثير منا
سأل نفسه لماذا لا تدمع عينى خشية من الله وكيف أجعلها تدمع من خشيه الله تحقيقا
للحديث " عينان لا تمسهما النار" وفيه " عين بكت من خشية الله " ؟.

وللإجابة عن هذا السؤال نقول الحمد لله لا شك أخي
السائل أن هذا الشعور منك بالتأسف على فوات هذا الخير علامة ومؤشر على خير كبير
،وأعلم ـ أخي ـ أن المسلم يستطيع أن يعوِّد نفسه على البكاء من خشية الله ، وذلك من خلال هذه المحطات :


1. استشعار
الخوف من الله تعالى:
إن هذا البكاءُ ثمرةُ العلمِ النافع ، كما قال القرطبي
في تفسير قوله تعالى : ( وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ
يَبْكُونَ
) الإسراء/109 : " هذه مبالغةٌ في صفتهم ومدحٌ لهم ؛ وحُقَّ لكلّ
من توسّم بالعلم وحصّل منه شيئاً أن يجري إلى هذه المرتبة ؛ فيخشع عند استماع
القرآن ويتواضع ويذلّ ، وفي مسند الدّارميّ عن أبي محمد عن التَّيْميّ قال : من
أُوتيَ من العلم ما لم يبُْكِهِ لخليقٌ ألا يكون أُوتي علماً ؛ لأن الله تعالى نعت
العلماء ،ثم تلا هذه الآية ،..." . " الجامع لأحكام القرآن "
10/341-342
.


2. قراءة القرآن وتدبر معانيه : قال تعالى
: ( قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ
سُجَّداً * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا
لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً

) الاسراء/107-109

وقال عز
وجل : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ

ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ
وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرائيلَ

وَمِمَّنْ هَدَيْنَا
وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً
وَبُكِيّاً
) مريم/58

عَن ابن مَسعودٍ - رضي اللَّه عنه – قالَ : قال
لي النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : " اقْرَأْ علَّي
القُرآنَ
" قلتُ : يا رسُولَ اللَّه ، أَقْرَأُ عَلَيْكَ ، وَعَلَيْكَ
أُنْزِلَ ؟ ، قالَ : " إِني أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ
غَيْ
رِي " فقرَأْتُ عليه سورَةَ النِّساء ، حتى
جِئْتُ إلى هذِهِ الآية : ( فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ
أُمَّة بِشَهيد وِجئْنا بِكَ عَلى هَؤلاءِ شَهِيداً
) قال : " حَسْبُكَ الآن " فَالْتَفَتَّ إِليْهِ ، فَإِذَا عِيْناهُ
تَذْرِفانِ
.

رواه
البخاري (5050) ومسلم (800) .

3. معرفة عظيم الأجر على البكاء
وخاصة في الخلوة
. عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه – قال : قالَ رسُولُ
اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : " لا َيَلِجُ النَّارَ
رَجْلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّه حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْع ، وَلا
يَجْتَمعُ غُبَارٌ في سَبِيلِ اللَّه ودُخانُ جَهَنَّمَ
"

. رواه الترمذي (1633)
والنسائي (3108) . وصححه الألباني . وقوله " حتى يعود اللبن في
الضرع
" : هذا من باب التعليق بالمحال كقوله تعالى : ( حتى
يلج الجمل في سم الخياط
)

" تحفة الأحوذي "
وعنه قالَ : قالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظلُّهُ :
إِمامٌ عادِلٌ ، وشابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّه تَعالى ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ
مُعَلَّق بالمَسَاجِدِ ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه ، اجتَمَعا عَلَيهِ
وتَفَرَّقَا عَلَيهِ ، وَرَجَلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمالٍ
فَقَالَ : إِنّي أَخافُ اللَّه ، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةَ فأَخْفاها حتَّى لاَ
تَعْلَمَ شِمالهُ ما تُنْفِقُ يَمِينهُ ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِياً فَفَاضَتْ
عَيْنَ
اهُ " . رواه البخاري (660) ومسلم (1031) .

ويمتاز البكاء في الخلوة
على غيره ، لأن الخلوة مدعاة إلى قسوة القلب ، والجرأة على المعصية ، وبعيدة عن
احتمال الرياء ، فإذا ما جاهد الإنسان نفسه فيها ، واستشعرعظمة الله فاضت عيناه ،
فاستحق أن يكون تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله .

4. التفكر في حالك وتجرؤك على المعصية
والخوف من لقاء الله على هذه الحال :
كان بعض الصالحين يبكي ليلاً ونهاراً ،
فقيل له في ذلك ، فقال : أخاف أن الله تعالى رآني على معصية ، فيقول : مُرَّ عنى
فإني غضبان عليك ، ولهذا كان سفيان يبكي ويقول أخاف أن أسلب الأيمان عند الموت .
وهذا إسماعيل بن زكريا يروي حال حبيب بن محمد - وكان جاراً له – يقول : كنت إذا
أمسيت سمعت بكاءه وإذا أصبحت سمعت بكاءه ، فأتيت أهله ،فقلت : ما شأنه ؟ يبكي إذا
أمسى ، ويبكي إذا أصبح ؟! قال : فقالت لي : يخاف والله إذا أمسى أن لا يصبح وإذا
أصبح أن لا يمسي . لقد كان السلف كثيري البكاء والحزن ،فحين عوتب يزيد الرقاشى على
كثرة بكائه ، وقيل له : لو كانت النار خُلِقتْ لك مازدت على هذا ؟! قال: وهل خلقت
النار إلا لي ولأصحابي ولإخواننا من الجن و الإنس ؟ وحين سُئل عطاء السليمي: ما هذا
الحزن ؟ قال : ويحك ، الموت في عنقي ، والقبر بيتي ،وفي القيامة موقفي ، وعلى جسر
جهنم طريقي لا أدري ما يُصنَع بي . وكان فضالة بن صيفي كثير البكاء ، فدخل عليه رجل
وهو يبكي فقال لزوجته : ما شأنه ؟ قالت : زعم أنه يريد سفراً بعيداً وماله زاد .

وانتبه الحسن ليلة فبكى ،
فضج أهل الدار بالبكاء ،فسألوه عن حاله فقال : ذكرت ذنبا لي فبكيت . وعن تميم
الداري رضى الله عنه أنه قرأ هذه الآية : ( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ
اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ
) فجعل يرددها إلى الصباح ويبكي . وكان حذيفة رضي الله عنه
يبكي بكاءً شديداً ، فقيل له : ما بكاؤك ؟ فقال: لا أدري على ما أقدم ، أعلى رضا أم
على سخط ؟ . وقال سعد بن الأخرم : كنت أمشي مع ابن مسعود فمَّر بالحدَّادين وقد
أخرجوا حديداً من النار فقام ينظر إلى الحديد المذاب ويبكي .

5.
استشعار الندم والشعور بالتفريط في جنب الله
: فدموعُ التائبين في جُنْحِ
الليلِ تروي الغليل ، وتشفي العليل ، كما قال شيخ المفسِّرين أبو جعفر الطبري فـي
تأويـل قوله تعالى كيف ابكي من خشية الله‏؟؟  Frown أَفَمِنْ هَـذَا الْحَدِيثِ
تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلاَتَبْكُونَ
) النجم/59 – 61

: " لا تبكون مما فيه من
الوعيد لأهل معاصي الله ؛ وأنتم من أهل معاصيه ، ( وأنْتُمْ
سامِدُونَ
) يقول : وأنتم لاهون عما فيه من العِبَروالذِّكْر ، مُعْرِضُون
عن آياته ! " .

"
جامع البيان عن تأويل آي
القرآن " 27/82.

6. البكاء من الشفقة من سوء الخاتمة . عن ابن عمر رضي الله عنهما
قال : لما مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحِجْر قال : " لا
تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسَهم أن يُصيبكم ما أصابهم ؛ إلا أن تكونوا
باكين
" ، ثم قنّع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه ، وأسرع المشيَ حتى
أجاز الوادي ) .

رواه
البخاري (3380) ومسلم (2980) .

وقد ترجم النووي لهذا الحديث بقوله : ( باب البكاء والخوف عند المرور
بقبور الظالمين ومصارعهم، وإظهار الافتقار إلى الله تعالى ، والتحذير من الغفلة عن
ذلك ) . " رياض الصالحين " ص373 7. سماع المواعظ المؤثرة
والمحاضرات المرققة للقلب :
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه ـ وهو أحد
البكّائين ـ قال : ( وَعَظَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
موعظةً بليغةً ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب
) . رواه الترمذي
(2676) وأبو داود (4607) وابن ماجه (42) .وصححها
الألباني


وفقناالله وإياكم لما يحب ربنا ويرضاه