فتاة مسلمة وسام الادارة العامة للمنتدى
الدولة : عدد المساهمات : 593 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 59
| موضوع: قد أفلح المؤمنون الجمعة أكتوبر 28, 2011 7:10 pm | |
| قد أفلح المؤمنون
بسم الله الرحمن الرحيم
{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (1)(2) سورة المؤمنون
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإنه لا يخفى على كل مسلم أن الصلاة هي عماد الدين, وأنها العلامة الفارقة بين المؤمنين والكافرين كما أخبر بذلك المصطفى الأمين بقوله: «العهد الذين بيننا وبينهم الصلاة, فمن تركها فقد كفر». كما لا يخفى أن الله سبحانه وتعالى شرع الصلاة و أوجبها على عباده لما فيها من المصالح والمنافع التي لا يحيط بها إلا الله سبحانه وتعالى؛ فهي نور في القلب وفي الوجه وفي القبر وعلى الصراط, يقول المصطفى : «الصلاة نورٌ » وفي ذلك بيان عظم شأن الصلاة وشدة حاجة العبد إليها, فإنها إذا كانت نوراً فذلك دليل على شدة الحاجة إليها , ونصيب العبد من النور في هذه الأمور بحسب حظه من صلاته, وفي الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود و الترمذي أن النبي قال: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة». وهي ذكر الله الأكبر, و الناهية عن الفحشاء و المنكر, تهدي إلى الفضائل, وتكف عن الرذائل, وهي سعة في الرزق, و أمن في الدنيا, و أمان من عذاب الله تعالى, وسبب موصل إلى جنة الله تعالى, وعونٌ للعبد على قضاء حوائجه كما قال تعالى: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ } [سورة البقرة: 45] وكان المصطفى إذا حزبه أمرٌ فزع إلى الصلاة, فعن حذيفة قال: «كان النبي إذا حزبه أمرٌ صلى » [رواه أحمد و أبو داود]. والصلاة تنهى صاحبها عن الوقوع في الفواحش والمنكرات كما قال تبارك وتعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [سورة العنكبوت: 45].
ولقد حكم الله تعالى بالفلاح والفوز في الدنيا و الآخرة لعباده المؤمنين الذين من أخص صفاتهم الخشوعُ في الصلاة إذ يقول سبحانه وتعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [سورة المؤمنون: 1-2] فقد علق الله سبحانه الفلاح بخشوع المصلي في صلاته, فمن فاته خشوع الصلاة لم يكن من أهل الفلاح, ولن يحصل الخشوع إلا مع الطمأنينة وحضور القلب واستحضار عظمة الله تبارك وتعالى, وعدم الخشوع و الاطمئنان تلاعب بالصلاة, وتعطيل لها, وخداعٌ من الشيطان, وخلافٌ لأمر الله سبحانه وأمر رسوله حيث قال تعالى: {َأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} وقال تبارك وتعالى: { الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ } وقال سبحانه: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ } فلن تكاد تجد ذكر الصلاة في موضع من التنزيل إلا مقروناً بإقامتها, ولن تحصل إقامة الصلاة إلا أن يؤتى بها على ما شرع الله تعالى كاملة أركانها وواجباتها, مستوفية شروطها, وحصل فيها الخشوعُ وحضورُ القلب. فإن حضور قلب العبد في الصلاة, وخشوعه فيها, وتكميله لها, و استفراغه وسعةُ في إقامتها و إتمامها على قدر رغبته في الله وفي ثوابه والخوف من عقابه.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: إنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة, ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة, والصلاة الحقيقية ناهيةٌ لصاحبها عن الوقوع فيما حرم الله تعالى, ولن يستمر المصلي على معصية ما دام يؤدي الصلاة عبادة لله تعالى وعلى الصفة المشروعة كما أوضح لنا ذلك المصطفى , فعن أبي هريرة قال: جاء رجلٌ إلى النبي فقال: إن فلاناً يصلي بالليل فإذا أصبح سرق قال: «إنه سينهاه ما يقول » [رواه أحمد وابن حبان] قال أبو حاتم: أراد أن الصلاة إذا كانت على الحقيقة في الابتداء والانتهاء, سيكون المصلي مجانباً للمحظورات معها كقوله عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ }. فالصلاة تحمل صاحبها على ترك الفواحش والمنكرات, ووجه ذلك أن العبد المقيم لها المتمم لأركانها وشروطها وخشوعها يستنير قلبه, ويتطهر فؤاده, ويزداد إيمانه, وتقوى رغبته في الخير, وتقل أو تنعدم رغبته في الشر. فبالضرورة مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه تنهى عن الفحشاء والمنكر, وهذا من أعظم مقاصد الصلاة وثمراتها والحكمة من مشروعيتها.
ويفهم من هذا ان المصلي إذا استمر على المخالفات و ارتكاب المعاصي والتساهل في امتثال المأمورات, فإن أداءه لصلاته فيه خلل ونقص, فعليه أن يتدارك ذلك. قال أبو العتاهية في قوله تعالى: { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ } قال: إن الصلاة فيها ثلاث خصال, فكل صلاة لا يكون فيها شيء من هذه الخصال فليست بصلاة: الإخلاص و الخشية وذكر الله, فالإخلاص يأمره بالمعروف, والخشية تنهاه عن المنكر, وذكر الله القرآن يأمره وينهاه.
وقال ابن عون الأنصاري: إذا كنت في الصلاة فأنت في معروف, وقد حجزتك عن الفحشاء والمنكر, والذي أنت فيه من ذكر الله أكبر. وبالمحافظة على الصلاة يكون للعبد عهدٌ عند الله أن يدخله الجنة كما جاء في الحديث أن رسول الله قال: «قال الله عز وجل: افترضت على أمتك خمس صلوات, وعهدتُ عندي عهداً أنه من حافظ عليهن لوقتهن أدخلته الجنة, ومن لم يحافظ عليهن فلا عهد له عندي» [رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن]. وعندما يحافظ العبد على الصلاة ويخشع ويطمئن فيها, ويستحضر أنه يناجي ربه, و أن الصلاة صلة بينه وبين ربه؛ يجد اللذة والراحة في أدائها كما كان المصطفى يرتاح فيها ويقول لمؤذنه بلال «قم يا بلال فأرحنا بالصلاة» [رواه أحمد وأبو داود] وستكون الصلاة ربيعاً لقلبه وحياةً له وراحة, وقرة لعينه وجلاء لحزنه, وذهاباً لهمه وغمه, ومفزعاً له إليه في نوائبه ونوازله. وعلى العكس من ذلكـ عندما لا يحافظ عليها ولا يطمئن فيها ولا يستحضر عظمة الله تعالى؛ ستكون ثقيلةً عليه وشاقةً وقيداً لجوارحه, وتكليفاً له وكبيرةً, و إنما كبرت عليهم لخلو قلوبهم من محبة الله تعالى وتكبيره وتعظيمه والخشوع له, وقلة رغبتهم فيه, ولذا فإنهم يتضايقون إذا دخل وقت الصلاة؛ لأنها أصبحت هماً وثقلاً يريد الخلاص والراحة منه لا الراحة به, ويتضايقون إذا دخل أحدهم المسجد وتأخر الإمام في الإقامة, أو أطال القراءة والركوع والسجود؛ وذلك لقلة خشوعهم واستحضار عظمة الله أمامهم, فهم منشغلون بأمور دنياهم, يؤدون الصلاة عادةً لا عبادةً, لم يقيموها حق إقامتها.
فالكثير منهم إلا من رحم ربي لم يستفد من صلاته, فهو يدخل إلى المسجد ويؤدي الصلاة جماعة مع المسلمين, ويخرج من المسجد ولم تظهر عليه علامات المستفيد من صلاته حيثُ أن صلاته لم تنههُ عن المنكرات؛ يخرج من المسجد ويغتابُ, أو يذهب إلى متجره فيحلف كاذباً, أو يغش أو يخدع أو يتعامل بالربا, أو يشرب الدخان, أو يبادر بالاستماع إلى الملاهي, أو النظر إلى ما حرم الله تعالى, أو مستمرٌ في حلق لحيته وعقوق والديه, وقطيعة رحمه, أو يهجر إخوانه المسلمين, أو غيرُ ذلك مما حرم الله, فأين الاستفادة من الصلاة التي أخبر عنها ربنا جل وعلا بقـــولــــه: { إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ } [سورة العنكبوت: 45]. إنه من الواجب على كل مسلم أن يتقي الله وخاصةً في صلاته, وعليه إذا رأى أن صلاته لم تنههُ عن المنكرات أن يراجع نفسه وينظر في صلاته ويبحث عن النقص و الخلل الذي وقع فيها فيبادر بإصلاحه, وعليه أن يحرص على الأمور التالية: 1- الإخلاص لله سبحانه وتعالى واستحضار أن الصلاة تؤدى عبادة لله لا عادة. 2- إحسان الوضوء. 3-الخشوع وحضور القلب وعدم الانشغال. 4- الطمأنينة فيها. 5- الإتيان بجميع الأركان و الواجبات و الحرص على فعل المستحبات. فاعرف نفسك يا عبد الله, و احذر أن تلقى الله عز وجل ولا قدر للإسلام عندك, فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك, وليس حظ القلب العامر بمحبة الله وخشيته و الرغبة فيه و إجلاله وتعظيمه من الصلاة كحظ القلب الخالي الخرب من ذلك. وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى, و أسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل, و أن يرزقنا الخشوع في الصلاة, و أن يجعلها ربيع قلوبنا وراحة أبداننا, وناهية لنا عن كل ما يغضبه جل وعلا, إنه ولي ذلك و القادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
| |
|
محمود الريدى المدير العام للمنتدى
الدولة : عدد المساهمات : 361 تاريخ التسجيل : 13/10/2010 العمر : 54
| موضوع: رد: قد أفلح المؤمنون الجمعة أكتوبر 28, 2011 7:13 pm | |
| | |
|